مسار "الربيع العربي" وموقف الدول الكبرى
- التفاصيل
- كتب بواسطة: ابو أسيد
لا تزال الولايات المتحدة تدير الصراع في المنطقة بين أنظمة الحكم من جهة وبين الجماهير المنتفضة، حيث قلبت المعادلة من صراع ضد أنظمة الحكم العلمانية الاستبدادية إلى صراع يقوده عملاؤها ضد الإسلام وهي ماضية في السيطرة على الأوضاع في بلاد المسلمين لإبقائها خاضعة للنفوذ الغربي ومحكومة بأنظمة الكفر العلمانية. لقد كان مشروع حكم الإسلاميين في المنطقة حلاً مؤقتاً وإسعافاً أولياً لاحتواء الانفجار الجماهيري المفاجئ في قوته وإرادته نحو التغيير، ولم يكن حلاً نهائياً لأن الهدف من مشروع الشرق الأوسط هو إبطال فاعلية الإسلام في المجتمع من خلال النظام الديمقراطي الذي يدمج الإسلاميين "المعتدلين" في الحياة العلمانية والحكم، ويقصي التنظيمات "الراديكالية" ويبقي إدارة الحياة السياسية في يد رجالات أمريكا بالتفاهم مع القوى الإسلامية بحيث تبدو الأنظمة الجديدة منبثقة عن إرادة الأمة. لقد كانت الولايات المتحدة تُعدّ لتغيير الأنظمة وتدرب وتمول كوادر شبابية تؤمن بطريقة الغرب في الحياة من أجل مستقبل أفضل ليس لشعوب المنطقة وإنما للمصالح الغربية والأمريكية على وجه الخصوص، وقد كانت تأمل أمريكا أن يتولى الجيل الجديد مقاليد الحكم لتفريغ الاحتقان السياسي للمجتمعات العربية بالانتقال الطبيعي للسلطة من يد الجيل الهرم المستهلك الذي بات بقاؤه في الحكم يهدد المصالح الغربية إلا أن عصيان الحكام وتمردهم على إرادتها قادها لاعتلاء حركة التغيير القسري التي خرجت عن سيطرة القوى السياسية التي دعت للتظاهر وأوجب على الولايات المتحدة السير مع تطلعات الشعوب والتجاوب مع ميلها للحكم الإسلامي فقامت بتذليل العقبات أمام الإخوان المسلمين بعد الاتفاق معهم على نمط الحكم والملفات الإقليمية وطلبت من عنان وطنطاوي تسليم السلطة لمرسي وفرضت السيسي من بعد وزيراً للدفاع في حكومة قنديل، ثم شرع عملاؤها بوضع العراقيل وإثارة الأزمات أمام حكم الإخوان ليتخذوا من تعثرهم في إدارت الأزمات ذريعة للهجوم على الإسلام وحكم الإسلاميين.